البالية و الرقص الشرقي

 

بقلم الدكتور عبد الحكيم العبد

 

مركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون

 

■ فى القسم الثانى من كتاب الدكتور أحمد جمعة”التحليل والنقد فى فن الباليه” الذى عرضته وناقشت بعضه فى كتابى بين الأدب والفنون الجميلة(ص173-175) عرف د. جمعة بفن الباليه فى سطور وعنى بتمييزه من الفن الآخر ، وهو الرقص الشرقى، باعتباره إياه : “نسائى فقط” – لا يتبع دراسة منهجية – لا يتطلب مساحة مسرحية واسعة – تلوٍّ واضطراب جسدى بطابع مناف للحياء والحشمة (ص35) بغرض واحد هو “استثارة كوامن الشوق نحو الملاذ الشهوية” .

 

* وهو ما لنا فيه استثناء ، بناء على تصنيف لنا فيما تفرضه الفضائيات اليوم من فرز وحذر، آلا بنا إلى (حـَتـَّما علينا) التفرقة فى الرقص الشرقى بين: التعبيرى، والمهارى، والإثارى؛ فما بالنا والجوهرى فيه تمامية الجمالية الحسمانية النسائية ، فى مقابل كمال الأجسام الرياضى فى الرجال؛ أو قد يكون من قبيل العلم بالمرأة: لا مجرد محظيات تركيات أو جوار فى قصور؛ بل نماذج: تامات ذكيات مثقفات: مغنيات أو عازفات، كما استقصى الجاحظ(255هـ – 965م) [1]  فى كتاب القِيان ؛ من زاوية العلم بالنضج فى المرأة (مُـعـْـصـِـرا) : بلغت شبابها فى سلم تطور جسدى/عمْرى متفقها فيه عند العرب[2]؛ وربما لم تقصر الجماليات الغربية عنه فى مراحلها المهمة. ثم ما بالنا وبعض هذا الفن الشرقى الذى يرى فرديا محدودا ، أو متدنيا، قد يرقى بالدراسة والتوظيف والموسقة إلى ما يشاء مصمم الباليه نفسه ؟! . وقد سبق أن وقفنا على توظيف رائد – لم يخل من هفوات حقا – ولكنه مهم لبعض كبار المخرجين الطليعيين المسرحيين استثمارا للرقص الفردى : الهندى والآسيوى الفردى وغيرهما.

 

 

– وجازة تصنيفنا لذلك الفن الشرقى ، وللطليعية النى أومأنا إليها هى ما يلى:

 

 *يبدو أن الأصل فى الرقص الشرقى أنه معنى جماليا بحسية تمام الجسمانية النسائية ؛ فى مقابل رياضية كمال الأجسام فى الرجال ؛ وإن كان الأمر فى الحال النسوى قد تنوَّعَ وتباين مستويات وأهدافا:

 

– منه عند مستوى تمامية الجمالية الجسمانية النسائية الاستعراضية الصرفة مؤديات المدرسة المصرية التقليدية: سهير زكى, فى أدائها المحاكى للمهلرة والنصوع فى رقص الحصان . ثم ناهد صبرى، شمس البارودى، سامية جمال، مديحة كامل، نوال أبو الفتوح، تحية كاريوكا، ونجوى فؤاد قبل تحولهما إلى البلدية الشعبية ؛ وفى أيامنا: صفوة، عبير صبرى، وفاء عامر، غادة عبد الرازق، لوسى، دينا.

 

– من المقلدات فى هذا من الأجنبيات؛ وإن لم يبلغن حد الإقناع الكامل: ديانا كولنتى(أمريكية) فى معية فريد الأطرش، إلى ما تطور جماعيا شعوبيا وشبه شعبى فى مجموعة حسن عفيفى، ومجموعة سمير صبرى من الروسيات.

 

– ولعله فى ذروة التصنيف منه يقع الشرقى الموضوعى أو الدرامى فى مثل محاكاة كارينا للأفعى من داخل سلة يحملها شبه هنديين ، فى أداء ممسرح محدود فى جو غموض وبخور وما أشبه . وأعمال نجوى فؤاد المتطورة من هذا القبيل.

 

– وفيما بين مجرد التمامية الجمالية النسوية والمحاكوية الدرامية المحدودة المذكورة أو فوقهما وأعمق خصوصية وحداثة فى نفس الوقت : باليه “ألفين: ليلة وليلة”، لمصممة الرقصات التونسية سهام بالخوجة. فى تيمة الحرية الجسدية الشرقية المجردة أو الجوهرية للمرأة/ حرية لا كبت فيها ولا حياء ولا حرمان / حرية داخل البيت لا خارجه. -كل حركة هى حرف. حرف مع حرف يعمل كلمة. كلمة مع كلمة تعمل جملة؛ كما ترجمت المذيعة عن حركات الراقصة فى العمل نفسه. [3]

 

 

– يليه فيما يبدو الشرقي المهارى الباهرطويل النفـَس، فى مثل أداء المُسِنَّة القديرة يسرى هنم فى بذلتها المشاركة لها فى الأداء الصَّناع البذِخ ، بمصاحبة الإيقاعات الشرقية الصنجية السريعة ؛ ومنه ما هو أدخل فى الشعبى اللبنانى بمصاحبة مغنى مفرد وطبل كبير على كلمات “فيا منديلك” .

 

– أما الحسى – وإن حاول التعبيرية بمصاحبة اللحن الغنائى فكثير عند فيفى عبده  ، ودينا وعارم و الكثيرالغالب، الذى ربما استحق التسمية الغربية “رقص البطن” Belly Dance. ولعل مما تظهر فيه التعبيرية: الآخذ بمصاحبة الأغنية وبعض الجماعية من قبيل محاولات لنجوى فؤاد على موسيقى كمال الطويل ، على الموال الرباعى “مغرم صبابة” غناء محمد رشدى ، فى رأى د. نعيم حسنى ود. عفاف راضى. [4]

 

– نزل هذا – وإن لم يسف-  إلى مستوى السينمائى الإغرائى عند هند رستم وبرلنتى عبد الحميد؛ وإن كان للتمذهب بالإغرائية هنا مبررات أو تكلفات درامية.

 

– يبدأ التدنى الذى لا يمارى فيه فى تقديرنا عند نمط عصابى جسدى على توقيع طبلى وحسب؛ أو عندنمط أوغل فى الفجاجة –غير شائع حقا- ولكنه يفنعل الفكاهة أو يشبع حاجة إليها متبذلة عند بعض الطبقات بالإسفافين الحركى و اللفظى فى مثل أداء سعد وداليا وما أشبه.

 

– فضلا عن نمط جسدانى صرف قد لا يعد برنويا تماما ولكنه غير احترافي على الإطلاق.

 

 

*والذى ربما يجعل للرقص الشرقى فى أحسن حالاته أهمية ،فوق المتعة الجمالية الحسية العابرة، هو -كما ألمحنا- استثماره باليهيا أو دراميا ، صنيع الآخرين. والمقصود استثمار تمامية الجسدية والأنوثية الكامنة للمرأة فى الفن بمعناه المحترم. وقد يكون منه باليه سهام بالخوجة المذكور .

 

– ومن قبيل ذلك فى المسرح الطليعى أو العالمى صناعة الممثلة من الراقصة ؛ كما فى مسرحية “”The Request Concert .كتبت المسرحية فى الأصل بواسطة Franz Xaver Krottz  وصمم العرض فى الأصل بأمريكا معه أيضا [5]  Manuel Lutgenhorst  ، عارضا ” (فى صمت حياة امرأة عاملة فى ليلة معينة من خلال الإيماءات والحركات المملة المبتذلة بما تحويه من طبخ وأكل واستماع للراديو” ؛ بهدف “إلقاء الضوء على الوحدة القاسية لعالم .. المرأة الداخلى(وبيان “مدى الصلة بين إيماءات المرأة وحركتها وسكونها والعوامل البيئية والسياسية التى تحدد إطار حياتها”.

 

– جال المؤلف والمصمم بهذه المسرحية الفكرة والتجربة ربوعا فى آسيا ارتفعت مع الدور فيها فى بمباى أوماديفى ,:مساعدة الممثل التى “يكون مثلها مثل أية مومسة” ؛ وفى مدراس  شاندراليخا .  للممثلة Chandralekha  التى كانت “نادرا ما قامت بالتمثيل أمام الجمهور” ؛ ولكن رقصها الذى كان محض استمرار لحياتها اليومية ؛ (تطور بفضل) ..التجديد الدؤوب لإيقاع جسدها وإظهار إمكاناته وانسيابه ” : إلى أن صارت  ” من أبرز الراقصات الشهرات بالهند – وبالضرورة ومخالفة للرأى {فى قول رستم بهاروشا}– صارت  إحدى أبرز واضعات ألحان رقص الباليه ؛ وكتبت …….. أيضا قصائد شعرية وحكايات فصيرة وصممت العديد من المعارض والملصقات الإعلانية”   (رستم بهاروشا/  نفسه ، ف1 ، ص 97 ) . “وأنتجت فيلما عن الرقص لمحطة الإذاعة البريطانية..” وغير ذلك {نفسه ف2} .

 

 

*عاد المؤلف فأدار نقاط المقارنة كما قال فى إحدى عشرة نقطة : المكان الذى يقدم فيه العرض – ، وهو فى الشرقى مسرح الملهى الليلى – رسم الدخول – الفنان وتركيز الجمهور – المناظر والديكور – الملابس – الإضاءة  – الماكياج – الإكسسوارات – الموسيقى والموسيقيون – الحركة والتعبير الصامت .

 

– وقد ختم القسم بنبذة عن مدرسة كانت تدرس الرقص الشرقى سنة 1852م ؛ وليس له مدارس الآن .

 

 

* ولعل فى القول بخلو الرقص الشرقى من الفكر أو الدراما ، وبعدم وجود مدارس له ؛ رغم المقاربة الشديدة للحال ، تعميما فى الوجهين كما فصَّلت فى السياق.

 

 


 

 – مفابلة الهجرى بالميلادى/

 

– كتاب التوقيعات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية والقبطية، تأليف اللواء محمد مختار باشا، دراسة وتحقيق وتكملة د. محمد عمارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

 

– ملحق تقويمى بدائرة معارف الشعب، كتاب الشعب، رقم 46 (الصفحات: 224 – 232).

 

– فى المرأة حسب السن :

 

الناهد : التى برز ثديها وارتفع . نهد نُهودا . ويقال نهدت المرأة : كعب ثديها ؛ فهى ناهد وناهدة . ج نواهد .

 

–          نهد الإناء : قرُب من الامتلاء . ونهد فلان : نهض ومضى . ونهد لعدوه أو إليه نهْدا ونَهَدا : صمد وشرع فى قتاله .

 

* الوصف فى حال المرأة آخذة فى البلوغ يبدو كأنه من منظور البروز .

 

الكاعب : التى نهَد ثدُيها . ويقال كعب الثدى ؛ والشىء : جعله مكعبا ؛ والعدد : ضربه فى نفسه مرتين ؛ والإناء : ملأه ؛ والثوب : طواه طيا شديدا .

 

     *  الوصف فى حال المرأة يبدو كأنه من منظور الحجم .

 

المُعـْْصِِر : الفتاة التى بلغت شبابها .

 

الثَّيِّب : من ليست بِكرا {الوسيط}؛ وقيل من مات عنها زوجها أو طُلِّقت {الكبير}

 

 

 – BBC  الاتنين، 24/ 12/ 2001م ، س 3و20 – 4 ، بعد الظهر.

 

 – برنامج لمفيد فوزى ، قناة اليوم، الجمعة، 13/1/2006م، س 9 و 45 دقيقة.

 

–  رستم بهاروشا/  المسرح والعالم :  الأداء وفن السياسة الثقافية ، ترجمة د. أمين الرباط ، مراجعة د. أحمد كامل متولى ، وحدة الإصدارات ، أكاديمية الفنون ، 1996م ، ص 135 ، ف1،2

 

Next Post

التحليل والنقد فى فن الباليه!!

الخميس فبراير 27 , 2014
التحليل والنقد فى فن الباليه!!   من المعروف أن مجموعة المؤدين علي مسرح الباليه هم الأساس في توصيل أفكار مصمم الباليه إلي الجمهور عن طريق الأداء الحركي الذي هو بمثابة الكلمات في المسرح الكلامي ولذا فمن العوامل الأساسية التي ينظر إليها الناقد لفن الباليه هي ، هل استطاعت مجموعة المؤدين بما فيهم […]

أبرز المواد

أحدث المنشورات