معتقدات شعبية في حياتنا اليومية
أيمن بدّور
هناك الكثير من التعليقات الطارئة والعفوية التي نطلقها بدون تحفظ كرد لفظي نقوم به من خلال سرد أحاديثنا ومجاملاتنا الاجتماعية
ومن ذلك مايقال (ذكرنا القط قام نط ) أو (ابن الحلال عند ذكره ببان ) إن تلك الصدف والتعليق الجاهز عليها والذي يعرفه الكثير من الناس ماهو إلاجزء من اعتقاداتنا الشعبية الممزوجة بثقافتنا الحياتية الاجتماعية والتي هي مستمدة من سماعنا لها من الآباء والأجداد وهم بدورهم ايضاً سمعوها من آبائهم وأجدادهم ,إذاً هي اعتقادات متوارثة عبر عدة أجيال سابقة ولا ندري مدى عمق رجوعها إلى التاريخ العربي والإنساني القديم جداً.
وهناك من يعتبر أن تلك الاعتقادات الشعبية التي يتداولها عامة الناس ماهي إلا خرافات وسبب موقفهم هذا هو تحكيم العقل والمنطق الذي لا يأخذ بالأمور دون سبب ونتيجة و التي مازالت متداولة لدى بعض الفئات الاجتماعية في سورية عن العين والأذن والأنف والأسنان وكف اليد نذكر بعضاً منها:
العين :إذ ا رف جفن ورمش العين اليمنى فإن هذا دلالة على خير سيأتي ويحدث لهذا الشخص ,وإذا رفت العين اليسرى فدلالة السوء والشر للشخص!!
الأذن : إذا شعرت بطنين مفاجئ داخل أذنك اليمنى فهذا معناه أن آخرين بعيدون وفي نفس اللحظة يذكرونك بالخير ,وإذا كان الطنين باليسرى فإن الآخرين يذكرونك بالسوء.
كف اليد: من يحك يده اليمنى فإنه سوف يسلم ويصافح شخصاً عزيزاً عليه كان غائباًَ لفترة طويلة ومن يشعر أو يحك يده اليسرى فإنه سوف يقبض أموالاً قادمة إليه في الطريق .
الأنف :ومن يحك أنفه بالصدفة فإنه إذا سوف يدعى إلى وليمة فيها طعام دسم يتكون من اللحوم.
الأسنان :وهناك من يعتقد أنه إذا حلم ليلاً بأنه يخلع سناً فإن شخصاًَ عزيز اًعليه سوف يموت ومن يحلم أنه خلع ضرساً (طاحونة) فإنه سوف يفقد شخصاً أنثى بالموت .وتتزايد تلك الاعتقادات أو الخرافات والتي في مجملها تنقسم إلى التفاؤل وإلى التشاؤم كمشاعر نفسية ربما تنعكس على بعض الناس وتعطيهم الأمل والفرح والترقب إذا ما كانت الدلالة والرمز والتفسير جيداً وإذا كانت الدلالات والمعاني سيئة ربما انعكست على الشخص بالقلق والحيرة والانزعاج إلا إذا كان شخصاً يتميز بشدة إيمانه بالله فإنه سوف لا يعير كل تلك الاعتقادات أي أهمية ثم يتوكل على الله فقط سبحانه وتعالى.
ومن الاعتقادات هذه ماتتخذ مساحة هامة وعنصراً عضوياً من مكونات شخصية بعض الناس في سورية مثل الرجال الكبار والنساء الكبيرات في السن أكثر من غيرهم من أصحاب الفئات العمرية الأصغر, فامرأة كسرت أو كسر أمامها صحن أو كوب أو ابريق فخار أو زجاجي فإنها تبادر بقولها في الحال (كسر الشر) اعتقاداً من أن مصيبة كانت ستحدث ولكنها فشلت وكان كسر إحدى الأواني تعويضاً ودرءاً لهذا الشر.
والبعض يعتقد أن الطفل الذي أصبح في سن المشي ثم صدفة عاد يحبو على الأرض فإن الاعتقاد أن ضيوفاً سوف يأتون لزيارة أسرته !! وهذا التفسير هو اشبه ربما بالسخرية والدعاية المحببة وليس فيه شيء من التشاؤم أو التفاؤل!!
وهناك في بعض الأحيان تضارب في التفسير والدلالة على حدث بسيط مثل:تعبئة كوب ماء أو شاي حتى حافته ثم تقدميه لضيف أو شخص ما. فإن هذا دليل على المحبة الكبيرة وآخرون يقولون العكس : إن هذا دليل على الكراهية الكبيرة للشخص المقدم إليه الكوب وحتى الألوان بالذات اللون الأزرق له دلالة على الحرص ورد العين ضد الحسد مثل تعليق خرزة زرقاء على رأس الطفل!!.
وهناك أيضاً مفارقة في تفسير حدث أو موقف ما رغم أنه يبدو جميلاً ,ومثل ذلك أن من يضحك كثيراً جداً في جلسة ما سوف يحصل له مكروه !! لذلك ترى البعض يقولون بعد هذا الضحك ( اللهم اجعله خيراً) حتى أن مشروب القهوة لم يسلم من دخوله المعتقدات الشعبية فمنهم من يعتقد أن القهوة إذا فارت على النار فهي دلالة على حدوث خير, ومن ناحية أخرى فإن تقديم مشروب القهوة في حال قدوم الضيوف إلى البيت بشكل سريع دلالة على أن الضيوف غير مرغوب فيهم أن يطيلوا مدة الزيارة!!
وهناك أيضاً من يذهب في اعتقاده أن ترك مقص القماش مفتوحاً سوف يجلب السوء!!
والبعض من الناس من يؤكد أن سكب الماء الحار في الطريق ليلاً وتكنيس البيت في الليل أيضاً هي أعمال تدعو إلى الحذر والتشاؤم ولا تجلب الخير لمن يقوم بها!!
لذا فإن التسمية وذكر الله سبحانه وتعالى أثناء كل موقف وعمل وتلفظ يقي الإنسان من الشر والسوء ,فبسم الله الرحمن الرحيم الذي لا يضر مع اسمه شيء لافي السموات ولافي الأرض .