موفق زريق:: لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟

لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟

هذا السؤال خاطئ من وجهة نظر قوانين حركة التاريخ، فكل دائرة حضارية واحدة ومشتركة

لها دورتها التاريخية في مرحلة ما انطلاقا وصعودا واستقرارا وهبوطا، فحين كان الغرب في عصوره

الوسطى غارقا في ظلام الانحطاط والتخلف والجمود. كان الشرق في ذروة نموه وتألقه الحضاري خلال العهد العباسي الأول، وكانت بغداد هي واشنطن ذلك العصر وعاصمة نظام عالمي يمتد من الصين حتى الأطلسي.

كل الحضارات التي نشأت خضعت لهذا القانون التاريخي الذي

ذكرناه. الحضارة الفرعونية وحضارات وادي الرافدين وبلاد الشام والاغريق والفرس والرومان والبيزنطيين والحضارة العربية الاسلامية ثم الأوروبية، ثم الامريكية وتتهيأ الصين لاستلام زمام القيادة في الأفق المنظور.

هذا التاريخ يعلمنا ان الحضارة ليست حكرا لأمة أو لمنطقة أو لدائرة ما، فكل الدوائر/ الامم عرفت التقدم والاستقرار ثم التراجع والتخلف. لا توجد أمة تخلفها ابدي او متخلفة بحكم تكوينها الوراثي الذاتي، هناك شروط عامة مركبة حتمية لأي نهوض ان توفرت فلابد من قيام نهضة،

وهذه الشروط يمكننا معرفتها من دراسة تجارب التاريخ ومقارنتها واستنباط العوامل المشتركة العامة فيما بينها، وهناك دراسات كثيرة في هذا المضمار، وبل هناك جامعات اسمها الجامعات الحضارية في الغرب متخصصة في دراسة الحضارات نشأة وتكَوينا ومسارا، وتستخدم هذا الدراسات في فهم الشعوب والحضارات وكيفية السيطرة عليها او اسقاطها ان لزم الأمر، وكيفية مقاومة ومنع نشأة حضارة وليدة جديدة واجهاضها.

استنادا إلى هذا العلم الحضاري نجحوا في إسقاط عدة امبراطوريات أو دول كبرى من داخلها ومن خارجها كما حصل مع الإمبراطورية النمساوية ثم العثمانية سابقا ومع الاتحاد السوفييتي منذ عقود ومع روسيا، والحرب قائمة الان على الصين لمنعها من الوصول إلى الذروة ومنع أمريكا من التراجع والانحدار.

مما لا شك ان قوة وعمق العوامل الذاتية الداخلية والبيئية في اي حضارة هي الفيصل في نموها ونجاحها ووصولها الذروة والمحافظة عليها. وهذا يختلف من تجربة حضارية لأخرى.

موفق زريق

Next Post

بسام العيسمي:: عام على انطلاق انتفاضة السويداء

الجمعة سبتمبر 13 , 2024
كلمة الكاتب والسياسي السوري بسام العيسمي في فعالية فيينا الاحتفالية بمناسبة دخول انتفاضة السويداء عامها الثاني.   الأخوات والإخوة. باسمكم جميعاً نُبارك لانتفاضة الحرية والكرامة في سويداء القلب لدخولها عامها الثاني. والتحية المنسوجة بخيوط العزة والفخار لحرائرنا وأحرارنا في ساحة الكرامة. صانعو الأمل من قلب اليأس والفواجع، والتيه، والتشتت، والانكسارات. […]

أبرز المواد

أحدث المنشورات