مقارنة مجحفة بين الجنرال ديغول وبين حافظ الأسد
جان عبد الله
فى الوقت الذى تمر فيه ثورة شعبنا فى مخاض قاس وفى الوقت الذى يعيش فيه شعبناأعظم مأساة انسانية فى التاريخ الحديث لا أدرى كيف خطر ببالى مقارنة غير عادلة بين عائلة الجنرال ديغول وبين عائلة حافظ الأسد التى احترفت الأجرام وخاصة عندما نكون من بلاد تتدافع ناسها الى السياسة تدافعا ولا يبقى صاحب ارث فيها مهما كانت مشروعية ارثه الا ويدخل الميدان ويقودنى التفكير بالديمقراطية الفرنسية العريقة التقاليد التى تمنع المزج وترسم الحدود فلا وراثة فى السياسة
فالأميرال فيليب ديغول كان يشبه والده بالملامح بحيث اذا رأيته قلت فى نفسك هذا هو الجنرال ديغول عينه ولكن ما يثير الأهتمام هو ابتعاد الأميرال فيليب عن المسرح السياسى الفرنسى ولم يسعى والده الى دفعه الى هذا المسرح مع أن رجلا مثل الجنرال ديغول لايسهل النظر فى حمل ارثه فهو ليس كسائر زعماء عصره حيث تحول من زعيم الى رمز لايضاهى فى الذات الجماعية الفرنسية مثله مثل فرانسوا الأول وهنرى الرابع ولويس الرابع عشر ونابليون الأول فكيف يمكن لوريث أن يرث الرمز وفى هذه الأثناء كانت صفة الوراثة تنتقل الى الأنظمة الأكثر بعدا عنها والقائمة أساسا على نقيضها شاهدناها فى النظام الكورى الشمالى الأكثر تشددا كيف مهد كيم ايل سونغ لتسليم السلطة لنجله وفى كوبا كيف مهّد فيديل كاسترو لتسليم السلطة من بعده لشقيقه راوول
ولكنى عندما عبرت صورة الأميرال فيليب فى ذهنى كنت أعيد التساؤل حول الأسرة الديغولية وكنت أتذكر توق الجنرال ديغول للأ ستفتاءات الشعبية التى تحدد علاقة الشخص الواحد مباشرة بالأمة خارج مؤسسات السلطة وخارج المنظمات الحزبية وكيف أدّى آخر استفتاء الى نسبة تقل عن الثلثين مما دفعه الى الأستقالة ونهاية الجمهورية الخامسة والتى ليس ما يماثلها فى الديمقراطيات الغربية
وهنا تحضرنى المقارنة المجحفة مع نظام الأسد فى سوريا فحافظ الأسد ليس زعيما سوريا ولا رمزا وطنيا ولم يكن له دورا فى التاريخ السورى بعد الأستقلال كل رصيده أنه كان ضابطا طيارا فى سلاح الجو مثله مثل الكثيرين من ضباط الجيش السورى اللذين قاموا بالأنقلابات منذ عام 1949 ولكن ذكاؤه كان فى التسلق عن طريق حزب عقائدى والتخلص من كل القيادات التاريخية الحزبية ليسهل اغتصابه السلطة ويبدأ بعد فترة التخطيط لتوريثها لأبنائه من بعده وبدلا من أن يقلد النظام الديمقراطى الفرنسى العريق أخذ منه تلك العبارة الفرنسية القائلة الدولة هى أنا
وبدأت تظهر فى الشارع السورى المقهور من طغيانه وارهابه اسم ابنه باسل ثم بعد وفاته جاء دور بشار الذى فاق فى اجرامه دور أبيه وأصبح لاعبا فى سيرك فقد عقله ولن ينتهى دوره الا متى احترق السيرك كله لذلك أستميح العذر من روح الجنرال ديغول الذى حضرت الجناز الذى أقيم له فى كنيسة النوتردام بباريس عام 1970 لهذه المقارنة ورأيت كيف تدافع مئات الألوف من الناس وكل القادة الأفارقة بشكل خاص للمساهمة بالصلاة على روحه
————————-
كاتب عربي مغترب – كندا