المجاملة بالفكر والسياسية خيانة

أ. نمرود سليمان .

 

ضروري أن يجامل الصديق صديقه والجار جاره والأب اولاده لأن ذلك يساعد على استمرار العلاقة الانسانية وهذا من منطلبات الحياة .
هناك نوع أخر من المجاملة يمكن وصفها بالخيانة وهذا النوع يسود في الدول العربية بشكل واضح اسمها المجاملة بالفكر والسياسية والتي نعتبرها خيانة ، عندما تنتسب الى حزب ما وتجامل المسؤول بمعنى توافقه على كل ما يقوله فكرياً وسياسياً وأنت تعلم بأن اجزاء كثيرة من خطاب المسؤول خاطئة أو كلها وأنت لا تكشفها له وأمام الحضور فإن ذلك خيانة لأن الموضوع يتعلق بمصير الدولة والشعب بينما علاقة الصديق بصديقه لا علاقة لها بمصير الدولة والمجتمع ، عندما تكون مسؤولاً في الدولة وزيراً أو مديراً عاماً أو مستشاراً لرئيس الجمهورية وتوافق المسؤولين الذين هم أعلى مرتبة منك وتجاملهم ولا تكشف اخطائهم التي تعرفها خوفاً منهم وحرصاً على مصالحك فإن ذلك يعتبر خيانة وطنية تساهم في تدمير الوطن والشعب ، وتتكون عند المسؤول فكرة بأنه لا يخطأ ويعتبر نفسه القائد الأول او المعلم الأول الذي يعرف كل شيء في كل شيء ويتحول الى دكتاتور يقود الدولة والمجتمع كيفما يشاء ولا يسمع لرأي احد .
هذه المجاملات لمسؤولي الأنظمة العربية بالسكوت عن اخطائهم يكاد يكون سبباً رئيسياً في الأنهيار الحاصل ، قد يقول البعض وهم على حق بأن الرئيس يأتي بالجبناء والانتهازين ويسلمهم مناصب الدولة ويبقوا تابعين له وإلعلاقة الشخصية بين الرئيس والمسؤالين تلعب دوراً اساسياً في الاختيار ويعود السبب لغياب المؤسسات التي تصنع رجال دولة .
عندما يجتمع المجلس القومي الامريكي او الفرنسي او البريطاني او السويسري ينسى الرئيس بأنه رئيساً والوزير أنه وزيراً ويتحول الجميع الى موظفين لخدمة الدولة والمجتمع ، عندما يجتمع المجلس القومي السوري او المصري او العراقي او الاردني فإن جميع المسؤالين يقدمون خطاباً يصفون فيه ميزات الرئيس القائد وقدراته السياسية والاقتصادية والعسكرية وكلها مجاملات مصطنعة بعيدة عن الواقع والمحصلة يرضى عنهم الرئيس اما الشعب فليعش في همومه .
لا يمكن بناء الاوطان بالمجاملات والتستر عن الاخطاء للحفاظ على المصالح بل النقد البناء وكشف الاخطاء ومعرفة الجميع بأن ارتكاب الاخطاء من طبيعة الانسان وكشف الاخطاء ضرورة وليس خياراً .
نعم المجاملة الفكرية والسياسية خيانة.

١٣-١٢-٢٣

Next Post

نور الروح

الأحد ديسمبر 17 , 2023
نورجان سرغاية. لم يكن السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر يوما عاديا من أيام السنة، إنه يوم مولدي. حينها تأنَقتْ الدار وتَزيِنتْ بالبالونات الملونة، وصَدَحتْ أصواتُ أغانيهِ المفضلة، ملأتْ الأرجاء موسيقى رقيقة تنساب بلا انقطاع، وعلى الطاولة الكبيرة وقفتْ المزهرية العتيقة وقد تزاحمتْ فيها أزهار القرنفل الطاغية بجمالها على سواها من […]

أبرز المواد

أحدث المنشورات