توضيحات حول ماهية اعتصام الكرامة

أيها الأحرار:

إنَّ اعتصامكم هذا وإصراركم على استعادةِ قرارِ ثورتكم ومصيركم من أيدي العابثين به أوجع المستفيدين والمرتبطين بقوى الأمر الواقع وأشعرهم بالخطرِ على مصالِحهم ومكاسِبهم فشغلوا آلتهم الاعلامية للتشكيك بالاعتصام وغاياته والناشطين فيه لذلك نوضح لكم ما يلي:

أولاً: انطلقَت الانتفاضة الشعبية في مطلع تموز الجاري بسببِ التراكُمات السلبية خلالَ الأعوام الماضية على كافَّة الأصعدة ( السياسية والمعيشية والثورية )، وكان فتيل هذه الانتفاضة هو مساراتُ التطبيع وتعويم الأسد المجرم وما رافقها من تصريحاتٍ وإجراءاتٍ تؤكِّدُ ذلك، كفتح المعابر عنوةً، إضافةً لما يتعرَّضُ له اللاجئون السوريون في تركيا من عنصريةٍ وتهديد، في ظلِّ الفشلِ الذريع والمستدام للمعارضة في تحقيق أي إنجاز يذكر على كافة المستويات التمثيلية والسياسية والإدارية وارتهانها وتبعيتها المطلقة بل وولاء شخوصها لدول أجنبية، فانتفض الشعب الثائر المصرّْ على تحقيق أهدافه في وجه القاصرين وأوليائهم وأوصيائهم معاً، فقرر إلغاء تلك المؤسسات المصنعة خارجياً واستبدالها بهيئة عليا لقيادة الثورة تتمتع بثقة الشارع واستقلالية القرار وفق المصلحة الوطنية السورية.

ثانياً: إن اعتصامُ الكرامة هو امتدادٌ لتلك الانتفاضة وتجسيد لها، وتعبير شعبي حضاري سلمي عنها، يتبنى مطالبها ويسعى إلى تحقيقها، ولا يتبع لأي جهةٍ كانت غير الشارع الثوري، وهو بهذه الصفة يسعى ليكون عنواناً جامعاً وعابراً للمناطق والمناطقية والانتماءات الضيقة، نحو الفضاء الوطني العام الذي طبع ثورة الشعب السوري منذ انطلاقتها الأولى ربيع ٢٠١١، وعليه فإن ساحات الكرامة ليست حكراً على أحد ولا ملكاً لفردٍ أو حزبٍ أو تيارٍ بعينه، ولذلك يسعى الناشطون في اعتصام الكرامة إلى التشبيك مع أي اعتصام أو حراك ثوري وطني في أي بقعةٍ في سورية الحبيبة، لتجديد الثورة واستعادةِ روحها التي سلبتها سلطاتُ الأمر الواقع بكافةِ مسمياتها ومناطقها، فعطَّلت الثورة وحرفتها عن مسارِها.

ثالثاً: إن لجنة إدارة ساحات اعتصام الكرامة هي لجنة تسيير أعمال وليست قيادة للثورة، تنتهي مهامها بالساعة والدقيقة التي يتم فيها اختيار هيئة عامة لقيادة الثورة، وبالتالي لا يوجد هيكلية تنظيمية هرمية أو تمثيلية، وإنما يتم اعتماد آليات تشبيكية تشاركية وتفاعلية داخل ساحات الاعتصام وعلى وسائل التواصل، وأية قرارات يتخذها المنسق العام تتم بالتشاور مع أصحاب المصلحة وأهل الاختصاص، وأي خطوة يقوم بها الاعتصام هي لتحقيق الأهداف المعلنة في ساحات الاعتصام ولتمهيد الطريق أمام الهيئة القيادية القادمة، لذلك فإن أولويتنا الآن هي لترتيبِ بيتنا الداخلي لنكونَ أقوياء ومُنظَّمين، من خلال إشراك كلِّ الأحرار والقوى الثورية وتوحيد جهودها، وبناءً عليه تشكلت لجنة تحضيرية من ذوي الكفاءات والخبرات لدراسة آليات تشكيل هيئة عليا لقيادة الثورة بما يضمن أقصى ما يمكن من شرعية تمثيل الشعب الثائر، لتكون العنوان الوحيد الذي يمثل الثوار والأحرار وفق الثوابت والمحددات المعروفة لثورة الحرية والكرامة والكل مدعو للانخراط في هذا الجهد.

رابعاً: نتطلع لان تكون الدولة التركية حليفاً حقيقياً للشعب السوري وليس لعصابة تغتصب سلطة الدولة السورية وقرارها ونتفهم أن لتركيا مصالحها وأولوياتها كما لنا مصالحنا الوطنية وأولوياتنا التي قد تتعارض حيناً وتتقاطع أحياناً كثيرة، وكل ما نريده هو تصحيح العلاقة مع الجارة تركيا على قاعدة استقلالية القرار الوطني وعدم رهن مصالح الشعب السوري لحسابات تبادل المصالح بين تركيا ودول ناصبت السوريين العداء وشاركت الأسد جرائمه بحقهم، كما ندعو الحكومة التركية إلى تمكين الشعب السوري في المناطق المحررة من إدارة شؤونه بنفسه واختيار من يمثله دون وصاية أو إملاء.

خامساً: إن القرار الشعبي بإلغاء الائتلاف ومفرزاته لا رجعة عنه للأسباب التالية:

الأول: إن الائتلاف وما تفرع عنه أنشئ بإرادة أجهزة مخابرات الدول لا بأيدي السوريين وأصبحت تركيبة مؤسسات المعارضة عبارة عن محاصصات دولية، كما هو واضح بمنصات هيئة التفاوض ومسمياتها، وإن قبول الائتلاف بأن يكون أحد تلك المنصات في هيئة التفاوض يجعله هو من فرط بشرعية تمثيله وتنازل عنها قبل أن يسحبها منه أحد.

والثاني: إن تلك المؤسسات استنفذت كل فرص الإصلاح لسنوات طويلة، وفشلت في الحصول على حد أدنى من الرضا الشعبي وفشلت على كل المستويات سياسياً وإدارياً وعسكرياً وفاقمت معاناة الشعب السوري وأطالت زمن معاناته حين قبلت بالالتفاف على مرجعيات الحل السياسي وانخرطت في مسارات أستانا وسوتشي العبثية.

والثالث: هو الشعور العام بأن المجتمع الدولي قد تواطأ على تعويم بشار الأسد والتطبيع معه وإفلاته من العقاب، والحليف التركي الذي كان عقبة كبيرة في وجه تصفية الثورة ويمسك بأغلب الأوراق بامتلاكه لقرار الحكومة المؤقتة والائتلاف بشكل مطلق، قد ركب قطار التطبيع وبدأ بإجراءاته العملية بفتح معبر أبو الزندين، ما يجعل تلك المؤسسات مجرد قلم بيد صانع القرار التركي للتوقيع على صك الاستسلام والإذعان، وهو ما استوجب موجة ثورية جديدة لكسر ذلك القلم وتجفيف حبره وإعادة الثورة إلى سياقها وألقها ومسارها الصحيح.

كما أن إلغاء الائتلاف وما تولد عنه من هيئة تفاوض ولجنة دستور يقابله تشكيل هيئة عليا مرجعية لقيادة الثورة في غضون ثلاثة أشهر ذات صفة تشريعية مستندة للمشروعية الثورية التي جددتها انتفاضة الاول من تموز بحيث ينبثق عنها ويخضع لتوجيهها ورقابتها:

آ- جسم سياسي (يباشر التفاوض بموجب المرجعيات الدولية ذات الصلة ووفقا للتراتبية الواردة في بيان جينيف ١ لعام ٢٠١٢ مع أولوية إنهاء ملف المعتقلين كملف فوق تفاوضي).

ب- جسم تنفيذي يباشر إدارة المناطق المحررة وفق المحددات الوطنية والمعايير الثورية.

سادساً: إن إلغاء الحكومة “الشكلية غير” المؤقتة يقابله بالنسبة لنا تعزيز وتمكين وتقوية وإصلاح وحوكمة مؤسسات الخدمة العامة التي نعتبرها من مكتسبات الثورة كالمجالس المحلية والقضاء والضابطة العدلية والمديريات على أسس وطنية ومعايير ثورية

سابعاً: يتوجب على الفصائل العسكرية الثورية الانحياز إلى مطالب الشعب، التي جسدها اعتصام الكرامة، ودعمها ومساندتها وما يقتضيه ذلك من رفع يدها عن الشأن المدني والسياسي والاقتصادي وصولاً إلى حوكمتها تحت سقف القيادة الثورية المزمع تشكيلها.

ثامناً: نعتبر سلطات الأمر الواقع في إدلب وشرق الفرات مشاريع تجزئة وتقسيم ما دون وطنية أو عابرة لا تنسجم مع مبادئ وأهداف ثورة الحرية والكرامة.

وننتظر صحوة ضمير من بعض القائمين عليها من السوريين والتقاط الفرصة والانخراط في المشروع الوطني الذي تعبر عنه ساحات الكرامة في الشمال والجنوب.

أخيراً:

اعتصام الكرامة مستمر بعون الله ثم بهمَّةِ الأحرار حتَّى استعادةِ قرارِ ثورتنا ومؤسَّساتنا وتمثيلنا السياسي ليدِ الثوار والشرفاء والله وليُّ التوفيق.

الناطق الرسمي لاعتصام الكرامة

Next Post

الإسلام والحداثة | موفق زريق

الأحد أغسطس 25 , 2024
الإسلام والحداثة الاسلام والدولة الإسلام والسياسة القانون والشريعة

أبرز المواد

أحدث المنشورات